السوق العربية المشتركة حلم والرباعية قائمة
السوق العربية المشتركة حلم والرباعية قائمة
الحاج حسن: لو كانت لدينا زراعة قمح لما انتظرنا البواخر
بات الاكتفاء الذاتي من الغذاء في كل دولة ضرورة قصوى في ظل التهديد بوقف الامدادات من جانب الدول المنتجة حفاظا على اكتفاء مجتمعاتها، مع بدء انتشار جائحة كوفيد وصولا الى الحرب الروسية الاوكرانية. هذه الضرورة لا بد ان تنسحب على لبنان، المعروف بميزة منتجاته الزراعية على انواعها.
تفترض هذه الضرورة مد اليد الرسمية الى المزارع الذي يشكل الحلقة الاضعف في عملية الانتاج والتسويق. الازمة الاقتصادية والمالية التي يشهدها لبنان، زادت من الصعوبات التي يواجهها المزارع الذي لم يلق على مدى عقود اي دعم رسمي يشجعه على الاستمرار في الزرع والحصاد. المثل الابرز على ذلك، مناشدة مزارعي القمح لتصريف انتاجهم.
وزير الزراعة عباس الحاج حسن اعتبر في حديث الى "الامن العام" انه «كان من واجب وزارة الاقتصاد وضع الخطة منذ نحو شهر ونصف شهر التي تسمح بشراء موسم القمح بصنفيه القاسي والطري، بحيث يكون (الشراء) رسالة تمهيدا لشراء موسم الصنف الطري الذي نعمل على انتاجه السنة المقبلة».
■ كيف تنظر الى اضراب الموظفين في القطاع العام الذي انعكس سلبا على الزراعة بوقف التصدير وما هي الحلول؟
□ الاضراب في القطاع العام تكفله القوانين المرعية، واعلانه اضرابا مفتوحا حق، لكن تسيير المرفق العام حق ايضا. لذلك لا يمكن الاضراب وشل حركة الاستيراد والتصدير بالمطلق. تأثر القطاع الزراعي لناحية التصدير وواجه صعوبات في الايام الاولى، الا اننا تمكنا "بالمونة" على الموظفين المولجين بالمعابر البرية والبحرية والجوية تسيير اعمال الناس تصديرا واستيرادا، من دون اي مقابل على رغم تعرضهم لاتهامات وصفتهم بالمرتشين والفاسدين. من واجبي كوزير مسؤول العمل بكل طاقتي لتسيير المرفق العام، لذا لم اترك اي وسيلة في سبيل ايجاد الحل. يعمل رئيس الحكومة للوصول الى الحل الذي يرضي الجميع، ربما مع نهاية شهر تموز. علما ان الموظفين في القطاع العام هم الشريحة الاكثر تضررا من الازمة الاقتصادية.
■□■ تجار يحاولون جني ارباح تفوق 60 ضعفا ■□■
■ المزارعون على عتبة قطاف المواسم، فهل يجوز تحويل مواسم الخير الى مواسم قاتلة؟
□ لا بالطبع. لقد تواصلت مع غالبية السفراء الذين تربطنا بهم علاقات جيدة لزيادة التصدير. هناك روزنامة زراعية تمكنا من تطبيقها، لذلك لا يمكن القول ان القطاع الزراعي معاقب خصوصا في هذين الشهرين. التقيت سفراء رومانيا وباكستان والهند، وتلقيت وعدا من سفير باكستان باستيراد كميات كبيرة من التفاح عدا عن استيراد كل انواع الخضر. اجمع هؤلاء السفراء على تأكيد التعاون الزراعي مع لبنان، وان يشمل الاستيراد انواعا مختلفة.
■ هل يعمل على اتفاقات تجارية جديدة مع هذه البلدان؟
□ الغريب في الامر، ان دولا مثل باكستان والهند لا تربطنا بهما اي مذكرة تفاهم. وقد اكدا تقديم كل مساعدة تتعلق بالقطاع الزراعي، وكذلك كان موقف سفير رومانيا. اذا نملك مفاتيح قوة كثيرة يجب استخدامها، نحن لا نعيش حالة انهيار تام في القطاع الزراعي، ولن نصل الى هذا المستوى، وسنبقى ندافع عن هذا القطاع.
■ هل هذه الخطوات كافية لحماية القطاع؟
□ ان الموقف الذي لمسته خلال لقاءاتي مع السفراء يدل على مدى حاجتنا الى اتفاقات تجارية زراعية جديدة. بدأت منذ ثمانية اشهر المناقشات واللقاءات مع عدد من المسؤولين في مصر والاردن وسوريا والعراق والجزائر والمغرب والاتحاد الاوروبي. من دون شك، هناك اسواق نستهدفها لانها مربحة واخرى بعيدة، لكن الامر يختلف بين ان تكون الجدوى الاقتصادية غير مربحة كثيرا وبين حالة الكساد. لذلك اختار الاسواق البعيدة ولو كانت الارباح قليلة. القطاع الخاص يتحكم بالتجارة البينية بين هذه الدولة او تلك.
■ ما هي عقبات التصدير امام القطاع الزراعي؟
□ تمكنا من فكفكة كل العقد، وبكل صدق لم نجد بابا مغلقا في وجهنا، حتى ان المملكة العربية السعودية التي لم تفتح اسواقها امام منتجاتنا لمسنا وجود ايجابية كبيرة في التعاطي معنا. اما فتح الاسواق فهو مسألة تحتاج الى النضج، واتمنى الوصول الى نتيجة ايجابية قريبا.
■ هل هناك شروط تتعلق بالمعايير والمواصفات الدولية؟
□ نحن ملتزمون المعايير والمواصفات الدولية، لاننا نصدر الى دول الخليج والدول الاوروبية والولايات المتحدة نخبة الانتاج اللبناني الخالي من الترسبات وذات الجودة العالية ويضاهي المنتجات الغربية لا بل يتفوق عليها خصوصا انها تملك القدرة التنافسية. اما لجهة الملف الامني، فتعمل كل القوى الامنية بكد لا يتوقف، ويشكر وزير الداخلية على جهده لانهاء وتجفيف منابع الكبتاغون وغيرها، ومنع تهريبها عبر لبنان الى الدول الاخرى، علما ان التهريب تقوم به عصابات وهذا بات واضحا للجميع. اذا، لبنان ملتزم في السياسة والامن والاقتصاد والاجتماع بكل ما من شأنه توثيق العلاقات مع الدول العربية.
■ كيف يواجه القطاع الزراعي ارتفاع اسعار المحروقات وتأمين المستلزمات، وماذا قدمت الوزارة؟
□ من الطبيعي ان ترتفع الاسعار بنسبة 15%، لكن ان تزيد بنسبة 300% فهذا حرام واجرام. هنا تقع المسؤولية على السلسلة التي تربط بين المنتج والمزارع وبين المستهلك. يجب ان تتحمل التعاونيات الزراعية المتخصصة جزءا من المسؤولية، ويمكن للاسواق الشعبية الاضطلاع ايضا بهذا الدور. لكن قبل هذا وذاك، يجب ضبط الاسعار والغش والاحتكار من خلال الضابطة العدلية والقوى الامنية. هنا يأتي دور وزارة الاقتصاد بالتعاون مع القوى الامنية. تضطلع وزارة الاقتصاد بدورها لكن ما تقوم به لا يكفي، ويجب على القوى الامنية تكليف عناصر اضافية للقيام بهذا الدور. لذلك وجب تعديل او تجديد او تغيير القوانين بما يتلاءم مع المصلحة الوطنية الاساسية.
■□■ هناك احتكار وترهل في مكان ما في وزارة الاقتصاد ■□■
■ ماذا عن دور التاجر الذي يصول ويجول من دون حسيب او رقيب؟
□ هناك تجار ترفع لهم القبعة واخرون يجب زجهم في السجن، وتجار يرضون بما اجازه القانون والحق واخرون يتاجرون بدم الناس ويحاولون جني ارباح تفوق 60 ضعفا وهذا الامر مرفوض بالمطلق، لذا يجب ان ينالوا الجزاء الرادع. ليس هذا الامر حلما او لا يمكن ان تحققه المؤسسات الرسمية، ومثال على ذلك الانضباط في مشتريات الاجهزة العسكرية، لماذا هو موجود هناك وليس في الاسواق التجارية؟ لأن هناك مساءلة ومحاسبة وقوانين مرعية الاجراء فقط. عندما تطبق هذه المسائل بجدية من اجهزة الرقابة وحماية المستهلك تستقيم الامور، وينتفي وجود "ستة وستة مكرر" وتختفي الطرابيش. اذا تطبيق القانون والتزامه هو الهدف، واستقلالية القضاء تشيع الارتياح على رغم انه بعيد المنال. يمكننا ضبط الاسعار في الاسواق والاستعانة بامتياز بالعمل الامني لمصلحة الاقتصاد، ويمكن ضبط حركة الاسواق الداخلية والتهريب، لأن التهريب الحاصل مقونن.
■ مزارعو القمح يشتكون من عدم تصريف انتاجهم، فلا الدولة تشتريه ولا تسمح بتصديره، ما هو الحل؟
□ يحضرني بيت الشعر الذي يقول "كالعيث في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول". كان من واجب وزارة الاقتصاد وضع خطة منذ نحو شهر ونصف شهر تسمح بشراء موسم القمح بصنفيه القاسي والطري، بحيث يكون الشراء هذا العام، رسالة تمهيد لشراء موسم الصنف الطري الذي نعمل على انتاجه السنة المقبلة. ان مهمة وزارة الزراعة تنتهي عند وضع خطة زراعة القمح الطري بعد ثلاثة اشهر من الان، وتتضمن كيفية شراء وتوزيع البذور المؤصلة ومواكبة المواسم حتى الحصاد. القانون لا يجيز شراء القمح من وزارة الزراعة. هناك مديرية الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد هي المسؤولة عن شراء القمح من المزارعين.
وزير الاقتصاد اكد لي انه يعمل بجهد لانهاء الموضوع، وقد ابلغته ان وزارة الاقتصاد تأخرت كثيرا في الشراء. لقد وضعت رؤية لكيفية شراء القمح من المزارعين وهي بسيطة جدا، واعلن ان الجيش اللبناني مستعد ليكون شريكا. لن نقبل بعد الان بوضع خطة وطنية من دون شراكة الجيش اللبناني سواء لناحية زراعة القمح وتوزيع البذور على المزارعين او شراء المحاصيل. الامر ليس من صلاحياتي ولكن لن اتوانى عن اتخاذ اي اجراء يصب في مصلحة المزارعين. آلية الشراء واضحة وفتح باب الطلبات الموجودة لدى وزارة الاقتصاد والكشف على الطلبات السابقة والجديدة وفق معايير القرارات التنظيمية، ودفع المستحقات الى اصحابها ضمن مهل محددة وبالسعر المعمول به. وهناك دور لرئاسة مجلس الوزراء ولمصرف لبنان لدعم المواسم وشراء المحاصيل كما يحصل في كل دول العالم.
■ ما هي كمية الانتاج من القمح هذه السنة؟
□ قدرت وزارة الاقتصاد كمية القمح بنوعيه بـ 60 الف طن، وهو رقم بسيط نظرا الى حاجة السوق، اتمنى ازدياد انتاج القمح الطري بنسبة 15 %العام المقبل، وهو قابل للارتفاع سنويا. لم يعد مسموحا لنا كدولة شراء كل شيء من الخارج. نحن في خضم ازمة عالمية، علينا ايجاد المخارج المناسبة بدل اذلال المواطن على ابواب الافران. اعود واكرر ان هناك احتكارا وتجارا فاجرين وترهلا في مكان ما في وزارة الاقتصاد، ومسؤولية امنية. اؤكد ان صوابية الامور تبدأ من الاساس، فلو كان لدينا زراعة قمح لما كنا نحتاج لانتظار البواخر.
■ ما هي اهداف المؤتمر الزراعي الرباعي الذي عقد في بيروت اواخر تموز؟
□ الاجتماع الرباعي خطوة تهدف الى خطوات اوسع، ولن يقتصر على سوريا والعراق والاردن ولبنان، بل نطمح الى عقد مؤتمر يشمل كل الدول العربية في اي عاصمة عربية، استباقا لمؤتمر القمة العربي في الجزائر. اجزم بالتعاون مع وزراء الدول العربية بامكان احداث خرق في الزراعة، عجزت عن تحقيقه السياسة حتى الان. عنوان القمة العربية سيكون الامن الغذائي، ووزارات الزراعة في الدول العربية معنية اساسا في هذا الموضوع. السوق العربية المشتركة الكبيرة كانت حلما، السوق العربية البينية بين الدول الاربع هو طموح، لكن في الاساس هو كيفية ترتيب الامور بينها لجهة التنظيم والاستيراد والتصدير او تخفيف الرسوم الجمركية والاعباء المالية بينها، كي نؤسس لعمل عربي اوسع في القطاع الزراعي.
■ هناك مشاكل قائمة بين الدول الاربع، الا يجب انجاح السوق المشتركة بينها قبل البحث في سوق عربية اوسع؟
□ عمليا توجد سوق عربية رباعية مشتركة، ونعمل على حل المشاكل العالقة والتخفيف من العقد الموجودة مثل الرسوم التي تفرضها سوريا على تجارة "الترانزيت"، مع انه امر سيادي للحكومة السورية ولا جدال حوله. نحن نريد ايجاد الالية التي توائم بين ما هو مصلحة سوريا ومصلحة لبنان، ومصلحة سوريا ومصلحة العراق. وما وجدته من احتضان مصري واردني وسوري وعراقي للبنان يبشر بالخير كثيرا. هذا التضامن لمسته على هامش القمة في اسطنبول عندما التقيت الوفود الاماراتية والسعودية والكويتية، اذ سمعت كل الايجابية والمحبة للشعب والحكومات اللبنانية. ما نحتاج اليه اليوم هو التواصل المباشر والمصارحة لتذليل العقبات.
■ هل وضع سلم اولويات بين الدول الاربع؟
□ انها افكار ستطرحها كل الوزارة لمناقشتها للخروج بتوصيات شاملة. وضع لبنان رؤيته واهدافه والنقاط التي طرحها لم تؤخذ بالكامل، وابرزها حركة الترانزيت والروزنامة الزراعية وتبادل الخبرات، والهم الاساسي هو السعي الى تأمين وجود المنتجات الزراعية على مدار السنة، كالتفاح والبندورة وغيرهما. هذا امر جيد لانه يفتح شهية بقية الدول على الدخول في هذه الشراكة. المطلوب اليوم التكامل والندية لانها الاساس في كل العلاقات العربية.
■ هل يمكن تخفيف الضرائب بين الدول العربية؟
□ انه طموح، والتعامل بالمثل اساس، فكيف مع الاخوة. هناك الروزنامة الزراعية التي تربطنا بمصر وهي تمنع دخول بعض المنتجات الزراعية اللبنانية في اوقات محددة الى السوق المصرية. وبعد التواصل مع وزير الزراعة المصري الذي تلقى توجيهات الرئيس السييس بفتح الروزنامة وكانت الاوضاع على احسن ما يرام والتزمنا كل مندرجات الاتفاق، وكذلك الاردن، كما لا تقل العلاقة مع سوريا اهمية عن العلاقة مع الاردن والسعودية وقطر وغيرها. سوريا بوابة العبور لمنتجاتنا والاقل كلفة، مع اعطاء لبنان كل التسهيلات المطلوبة. اذا لا نريد الا تمتين العلاقات وان تكون العلاقة من دولة الى دولة.
#وزير_الزراعة
#عباس_الحاج_حسن