كلمة وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن في افتتاحية المنتدى للعلوم والابتكار لمنظمة الفاو ٢٠٢٣ لكبار المسؤولين

كلمة وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن في افتتاحية المنتدى للعلوم والابتكار لمنظمة الفاو ٢٠٢٣ لكبار المسؤولين

 
كنت اتمنى أن أبدأ كلمتي كعادتي بالتفاؤل والأمل والنظر إلى المستقبل بكل حيوية من بوابة إنسانية مطلقة.
 
لكن اسمحوا لي أن أنقل لكم صرخات الأطفال في مستشفى المعمداني في غزة، بعد المجزرة التي ارتكبت بدم بارد بحقهم يوم امس، وراح ضحيتها 1300 بين شهيد وجريح ، نصفهم من الأطفال والنصف الباقي من النساء .
 
بربرية وجهل ولا إنسانية لا يمكن وصفها، واسمحوا لي أن  أسأل هل من المجدي أن نبحث في سبل تعزيز العلوم والابتكار وتطوير للنظم الغذائية والصناعية الزراعية وتأهيل الممارسات الزراعية لمواكبة المتغيرات المناخية في ظل هذا الموت وهذا الظلم، وهذا القهر في فلسطين، ولماذا نبحث عن كل ذلك؟ 
 
اليس من أجل كرامة الانسان وتأمين لقمة العيش؟ 
 
اليس من أجل الاجيال المقبلة أن تعيش بأمل وسلام وحرية؟ 
 
اين هي هذه العناوين؟ وكل ساعة هناك مجزرة تُرتكب، وأطفال تُسحق أجسادهم تحت الركام بآلة القتل الاسرائيلية. مشهد لا يمكنني الا ان انقله لكم "ام لطفلة كانت تبحث عن طبيب لها لتداويها تركتها في المستشفى لتعود بعد ساعة لتفقد الطفلة والطبيب والمستشفى.
 
إنني أطلق صرخة من هنا، من منظمة الفاو التي وقفت دائما مساعدة للشعوب، ومن ايطاليا التي ناصرت قضايا الشعوب، لأناشد الحبر الأعظم قداسة البابا فرنسيس باسم الانسانية، ولأننا نعتقد أن شخصية قداسته هي الوحيدة القادرة على إعلاء الصوت في حاضرة الفاتيكان لوقف هذه الحرب، وهذا القتل في فلسطين.
 
سيدي قداسة البابا،
 
في مستشفى المعمداني وكنيستها أطفال قتلوا، لا يعرفون ما هو ذنبهم، كما قتلوا في قانا الجليل يوم قصفتهم اسرائيل وهم يلتجئون الى مبنى تابع للأمم المتحدة ، اليك نلتجئ، لنحميهم من البربرية والعنجهية التي تمارس ضدهم، وباسم 500 روح ازهقت بالأمس 800 جريح على حافة الموت دون مستشفى ، بينما كانت تطلب الامان، بين جدران مستشفى المعمداني وكنيستها بما تمثل، نسألك التدخل الفوري، وإعلاء الصوت من أجل فلسطين وبيت لحم، مهد السيد المسيح.
 
 ننتظر من قداستكم أن تساعدوا أطفال هذا البلد ونساءه وشيوخه باسم الانسانية، علّنا نوقف حمام الدم الذي يزهق أرواح المئات كل يوم.
 
وبالعودة الى أساس وجودنا في هذا المنتدى العالمي بدعوة كريمة من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وترحيب مشكور من الحكومة الإيطالية.
لا يمكن الحديث عن تغيير ما بعيدا عن الشراكات الوطنية أولا والإقليمية ثانيا. شراكات تعتمد على العلم كأساس وخيار لمواجهة الازمات، والابتكار كواجب للخروج بحلول مستدامة ومنطقية تحاكي ما هو مطلوب منا في هذه الازمات.
وللأسف أزماتنا مركبة، أتحدث عن العالم بشكل عام وعن منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، لأننا نعاني ندرة مياه وتصحر وتغيرات مناخية أثرت سلبا على الممارسات والمنتجات الزراعية والتصنيع الغذائي وصولا الى استمرار المزارع في الاعتماد على الطرق التقليدية التي تستنزف الجهد والطاقة والقدرات وهذا ما يؤكد ضرورة تسليط الضوء على كيفية وضع مناهج وخارطة طريق نتبناها من خلال هذا المنتدى العالمي برعاية منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والانطلاق نحو العناوين الكبرى حول كيفية اعتماد العلوم والابتكار في مختلف القطاعات وإبعاد الأمن الغذائي عن كل اهتزاز.
إن فكرة مساهمة العلم والابتكار على المستوى العالمي والمحلي فكرة رائدة وخلاقة تحتاج باعتقادي الى وضع اهداف مرحلية تتطور الى متوسطة المدى وأخرى بعيدة المدى والسؤال دائما هل يمكن ذلك في ظل ازمة اقتصادية خانقة وتقصير علمي تطبيقي في عدد من المجالات واستهتار في القطاع الزراعي على اعتباره هامشيا. الجواب لا يمكن ابدا.
  لذا على صانعي القرار ان يغيروا من نظرتهم وتعاطيهم مع الملف الزراعي التصنيعي الإنتاجي ولتكن الأولوية لهذا الملف لما له من إمكانات في تشبيك القدرات الوطنية وتذليل الصعوبات والمعضلات في العلاقات بين الدول.
اننا مدعوون الى إطلاق مبادرة لا بل توصية ملزمة لكافة الدول الحاضرة هنا في هذا المنتدى حول إمكانية خلق ورش عمل لتحديد الاطار الذي يجب التحرك من خلاله.
وباعتقادي ان الاستحقاق الأكبر يكمن في عملية التحويل على المستوى العالمي. أما المحلي فهو اقل تعقيدا لان إمكانية وضع الخطط الملزمة داخليا تبقى أسهل
ونسأل هنا هل يجب وضع رؤية عالمية مشتركة يمكن للدول العمل بها او مؤامتها داخليا.
 
لقد شهدت أنظمة الأغذية والتصنيع الزراعي في منطقتنا اضطرابات عميقة على مدى الخمسين سنة الماضية.
تتعلق هذه التطورات في المقام الأول بطبيعة المنتجات الغذائية. على الرغم من وجود النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط (الذي يتميز باستهلاك الفواكه والخضروات والبقوليات وزيت الزيتون ومنتجات  الحليب) إلا أن سكان منطقة البحر الأبيض المتوسط   يستهلكون اليوم المزيد من اللحوم والمنتجات ذات القيمة المضافة العالية التي  تحتاج  كميات مياه  أكبر وتضغط على الموارد الطبيعية.
لقد تسارع التحول إلى الأنظمة الغذائية الغنية بالطاقة والبروتينات الحيوانية والدهون والحبوب المكررة في العقود الأخيرة. وتشير التقديرات اليوم، إلى أن اثنين من كل ثلاثة أفرادمن بلدان البحر الأبيض المتوسط يتركزان في المناطق الحضرية وأن أكثر من ثلث النمو السكاني يقع في المدن الساحلية .
ومن ناحية أخرى شهدنا تحول في الهياكل الأسرية والاجتماعية حيث انتقلت من نموذج الأسرة الكبيرة حيث كانت  تتوارث  المعرفة في تصنيع الغذاء  إلى نموذج الأسر الصغيرة التي تعتمد على النظم الغذائية المعاصرة.   إن دور المرأة  المكرس تقليديا لإعداد وجبات الطعام في مجتمعات البحر الأبيض المتوسط الذكورية ، يميل إلى التغيير مع دخولها سوق العمل. ويحل التوزيع على نطاق واسع محل التجارة المحلية في المدن وتتكاثر سلاسل الوجبات السريعة .
كان هذا التخلي عن النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط نتيجة طبيعية لفقدان الاستدامة مع كل من التأثيرات البيئية والغذائية: فقد أدى إلى زيادة الضغط على البيئة لإنتاج الغذاء، وانخفاض التنوع البيولوجي، وزيادة هدر الطعام. وفي العديد من بلدان المنطقة، يمكن ملاحظة العبء الغذائي المزدوج، الذي يجمع بين نقص التغذية والإفراط في التغذية (السمنة والأمراض غير المعدية). .
 
يستهلك السكان المزيد من المنتجات المصنعة، مما يؤدي إلى الإنفاق على الموارد الطبيعية (المياه والتربة) والطاقة الأحفورية.  لقد تم التخلي تدريجياً عن النظام الغذائي المتوسطي بسبب الازدهار النسبي لدول البحر الأبيض المتوسط واعتماد نماذج ثقافية أجنبية. لقد توسعت الأسواق العالمية وأصبح العديد من الدول، بما فيها لبنان  يعتمدعلى المواد الخام المستوردة والمتاجرة بها في الأسواق العالمية. يستخدم النقل البحري لتزويد العديد من البلدان بالإمدادات ويستهلك الكثير من الطاقة بسبب المسافات المقطوعة لتوفير هذا الغذاء للسكان. وهذه المنتجات " ، كما نعلم، أكثر تطلبا من حيث الموارد الطبيعية (المياه والأرض) والطاقة
 
دعونا نلاحظ بشكل عابر أنه حتى لو كانت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في  بلدان البحر الأبيض المتوسط منخفضة ، فقد أظهرت إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد  الكربون منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين اتجاهًا تصاعديًا واضحًا..
 
يساهم أداء وتكاثر النظم الزراعية والغذائية الحالية إلى حد كبير في تسريع وتيرة تغير المناخ خصوصا في منطقتنا
نلاحظ تاثر منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير بظاهرة الاحتباس الحراري فقد بلغت زيادة درجات الحرارة في القرن العشرين صفر فاصلة أربعة وسبعين درجة حول العالم بينم تخطت الواحد فاصلة خمسة في منطقتنا     
 
إن النظم الزراعية والغذائية الجديدة مسؤولة عن تدهور الموارد الطبيعية (التربة والمياه والتنوع البيولوجي)؛ وهي، إلى جانب تغير المناخ، تمثل تهديدا دائما لبلداننا على الرغم من الإصلاحات الزراعية الموصى بها، فإن السياسات الزراعية والريفية العامة المطبقة اليوم في العديد من بلدان منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​لا تزال لسوء الحظ تستمر في تغذية نماذج الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة.
 
ومع ذلك، فإن هذه العمليات التي وصفناها ليست حتمية.
 
من الممكن تعزيز سلوكيات غذائية جديدة تتميز بضبط النظام الغذائي، وأكثر انسجاما مع أساليب المعيشة والأكل في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأقل إهدارا للموارد الطبيعية والطاقة..
 
أن التغييرات الجذرية في نماذج الاستهلاك والإنتاج ممكنة للتقدم بحزم نحو التنمية المستدامة، مع التركيز على المخاوف المرتبطة بتغير المناخ .
 
دعونا نشير إلى أن هناك إشارات ضعيفة تنبعث من الاقتصادات الزراعية والريفية في بلداننا، والتي تشير إلى المسار الذي يجب اتباعه من أجل التعبئة بشكل أكثر فعالية حول تدابير التحول في مجال الطاقة والبيئة.
كيف يمكننا تعزيز الزراعة المسؤولة والأعمال التجارية الغذائية الزراعية وتنظيم العلاقات التجارية لصالح استعادة علاقات جديدة بين الطبيعة وأنظمة الأغذية الزراعية المفيدة لمستقبل البحر الأبيض المتوسط؟
 
إن التحول في مجال الطاقة والبيئة، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، فضلا عن تحقيق أهداف خطة الأمم المتحدة للتنمية لعام  ٢٠٣٠ وأهداف التنمية المستدامة  يتطلب منا أن نتحرك نحو أشكال في الزراعة  والغذاء أكثر استدامة ومرونة.
وعلى هذا النحو، سيكون التكامل العاجل والمنهجي لتخفيف تغير المناخ في التخطيط على مستوى النظم الغذائية الزراعية أمرًا بالغ الأهمية.
 
وفي بلداننا، بما في ذلك بلدي لبنان ، لا تزال الزراعة الصغيرة الحجم تشكل المورد المحلي الرئيس الذي يساعد الأهالي الذين يتجهوندائمًا نحو المنتجات الأساسية للوجبات الغذائية للسكان المحليين على تنوعها. إن المنتجات الغذائية التي تنتجها الزراعة الصغيرة هي الأكثر تكيفًا مع عادات وتقاليد الأكل في البلدان (الحبوب وزيت الزيتون ومنتجات الألبان، وما إلى ذلك) وعليه فان نقطة الانطلاق الأكثر صلابة هي المناطق الريفيه حيث الحيازات الصغيرة والمتوسطة.
 
منذ تسعينيات القرن الماضي، روجت حركات المواطنين للدوائر القصيرة، والأغذية المحلية والأغذية من الزراعة العضوية أو المستدامة. لقد تمت دراسة العلاقة بين جودة الغذاء ومناطق الإنتاج باهتمام في بلادنا منذ حوالي ثلاثين عامًا؛ ويظهر تطوير المؤشرات الجغرافية المرتبطة بالأقاليم  والمعرفة  المحلية، على سبيل المثال، أن التنمية المحلية يمكن أن تكون حليفا جيدا للتحول في مجال الطاقة والبيئة.
 
علينا التركيز  على هذه المناطق  التي من شان تنميتها  ان تصيب اكثر  من هدف فبلاضافة  الى تعزيز الاستدامة  نعزز بقاء هذه الاسر في هذه المناطق  ومساعدة اطفالهم على التعلم وبالتالي ابعادهم عن افات مجتمعية تتهدد مستقبلهم في حالات الفقر  وليس اخطرها الجنوح نحو التطرف والإرهاب من خلال استمالتهم بدوافع مالية
 
 ماهو دور المراة في العملية الإنتاجية وفي خطط الابتكار والعلم:
 
ان دور المرأة مركزي واساسي في صناعة المجتمعات وتكوين شخصية الفرد فيه من دورها الأساس الام التي تصنع الحاضر والمستقبل.
 
 هذه الأم التي بتوفير الإمكانيات لها تصبح قادرة على خلق بيئة خلاقة تواكب وتستثمر في الحاضر والمستقبل.
 
ان تجربة ريادة المرأة في العمل الزراعي الإنتاجي الصناعي كانت مهمة جدا في منطقتنا تحديدا في بلدي لبنان  فقد قمنا بتطوير مناهج للعمل التعاوني وإخضاع ما لايقل عن ٧٠٠ سيدة لدورات تدريبية بالشراكة مع منظمة الفاو والحكومة الكندية وكانت تجربة ناجحة استطاعت هذه السيدات من خلال التعاونيات التي يديرونها الى تسويق منتجاتهم في مختلف انحاء العالم.
 
 ما لا يقل عن ١٠٠٠ تعاونية عاملة في لبنان منها ١٤٥ تعاونية نسوية هي الانشط بالمطلق في موضوع التصنيع الغذائي والتسويق وهذا ما نصبوا اليه.
 
 أيها السادة إن الانخراط الكلي في العمل التعاوني هو تجربة ناجحة بالإضافة الى العمل الارشادي التوعوي  وقد اثبتت التجربة ان التعاونيات التي تديرها سيدات نجحت بشكل كبير وهي فاعلة بشكل كبير جدا.
 
#وزير_الزراعة
#عباس_الحاج_حسن
 
للاتصال بوزارة الزراعة

849618 1 (961)+

info@agriculture.gov.lb