بعلبك، 25 حزيران 2025 – إعداد خاص
في جولة ميدانية حملت دلالات سياسية وتنموية وبيئية، زار وزير الزراعة الدكتور نزار هاني قضاء بعلبك، برفقة المدير العام للوزارة المهندس لويس لحود وعدد من مستشاريه وموظفي الوزارة، حيث التقى خلال لقاءاته النائبين غازي زعيتر وملحم الحجيري، بالإضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية في المحافظة وفعاليات اقتصادية، بلدية، اختيارية، واجتماعية، وحشد من المزارعين، والنقابيين الزراعيين، والبلديات، والنقابات الزراعية، والهيئات المحلية، مؤكدًا من هناك أن الزراعة لم تعد خيارًا ثانويًا بل هي مدخل أساس للخروج من الأزمة، وركيزة للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وقال هاني: "من قلب البقاع، نرسم ملامح خطة وطنية تقوم على مفهوم الزراعة الذكية والمستدامة، التي تحفظ الموارد وتولّد فرص العمل، وتربط بين الإنتاج والأسواق".
جولة حافلة بالمحطات الميدانية والحوار المباشر
امتدت الزيارة لساعات طويلة، وشملت محطات ميدانية وإنمائية في مناطق عدّة من قضاء بعلبك، أبرزها:
1. اجتماع تشاوري مع الاتحاد العام للنقابات الزراعية، عرض خلاله المزارعون أبرز التحديات من تسويق المحاصيل إلى غلاء المستلزمات الزراعية وتراجع الدعم الفني.
2. لقاء موسّع مع رؤساء البلديات واتحادات البلديات، بحضور فريق العمل الإقليمي لوزارة الزراعة، وناقش إمكانات التعاون بين الإدارات المحلية والوزارة.
3. لقاء تفاعلي مع المزارعين نظمته جمعية
LOST للأبحاث الزراعية، شمل زيارة إلى "القرية الزراعية النموذجية" كنموذج للزراعة البيئية الحديثة.
4. افتتاح سوق المزارعين المحليين في بعلبك، بتنظيم من الجمعية اللبنانية للتعايش والإنماء، لترويج الإنتاج المحلي وتعزيز التسويق المباشر.
5. لقاء متخصص مع مربي الخيل العربية الأصيلة، تم خلاله البحث في آليات دعم هذا التراث الوطني المهم.
6. زيارة المشاتل الحرجية في دير الأحمر للاطلاع على إنتاج الشتول وخطط التحريج الوطني.
7. جولة على كروم العنب ومصانع النبيذ في دير الأحمر كنموذج للزراعة الصناعية الناجحة.
8. زيارة مركز التقطير التابع لمنظمة فرسان مالطا، لتفقد الزراعات العطرية والطبية ذات القيمة الاقتصادية العالية.
9. زيارة روحية إلى مقام سيدة بشوات، تجسيدًا لارتباط الأرض بالهوية الروحية والثقافية للمنطقة.
الوزير هاني: بعلبك ليست مهمّشة بل في قلب الخطة الزراعية الوطنية
وأكد الوزير هاني في تصريحاته أن منطقة بعلبك – الهرمل تمثّل رأس الحربة في معركة الأمن الغذائي اللبناني والعربي، نظرًا لما تملكه من تنوع زراعي وإمكانات بشرية وطبيعية. وقال: "نعمل على تحويل الريف من مهمش إلى منتج، من خاضع للتهميش إلى فاعل في الاقتصاد الوطني، ونخطط لمشاريع نوعية على مستوى الري والتسويق والإرشاد".
ومن أبرز هذه المشاريع:
• إنشاء خمس برك كبرى لتجميع مياه الري، سعة كل منها 100 ألف متر مكعب، ضمن "المشروع الأخضر"، كبديل عن المياه الجوفية.
• توسيع شبكات الري بالتنقيط وتدريب المزارعين على الزراعة الذكية.
• تشجيع الزراعات الملائمة للتغير المناخي كالكينوا، الزعتر، والنباتات الطبية والعطرية.
• دعم الزراعة التعاقدية بين المزارعين والمصانع والأسواق الداخلية والخارجية، لا سيما في قطاع البطاطا والدجاج والحليب.
مشروع "غايت": خارطة طريق بالشراكة مع البنك الدولي
وفي خطوة نوعية، أشار الوزير هاني إلى أن اللجان النيابية المشتركة أقرّت مشروع "غايت" المموّل من البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار، ويتضمن ثلاث ركائز:
1. دعم صغار المزارعين والتعاونيات.
2. تحسين الممارسات الزراعية والبنية التحتية الزراعية لتكون أكثر تكيفًا مع التغير المناخي.
3. تنظيم ربط الإنتاج بالأسواق من خلال آليات حديثة وعقود شفافة.
وقال هاني:
"المزارع هو الحلقة الأضعف في السلسلة الزراعية، ومهمتنا رفع هذا الظلم التاريخي عنه عبر التشبيك والتمويل والدعم الفني."
واقع التصدير الزراعي: كسر الحصار وفتح الأسواق
تطرق الوزير هاني إلى ما وصفه بـ"الحصار الزراعي" الذي يعاني منه لبنان هذا الموسم، مشيرًا إلى تحديات التصدير بسبب:
• ارتفاع كلفة النقل البحري.
• القيود الجديدة على الصادرات الزراعية عبر سوريا.
• تشابه الإنتاج اللبناني مع الأردن في العديد من المحاصيل كالخضار والبطاطا.
وأضاف: "نحن نخوض معركة سياسية واقتصادية لكسر الحصار الزراعي، وهناك تواصل مستمر مع الأشقاء في الخليج والأردن وسوريا لتسهيل انسياب الإنتاج الزراعي اللبناني إلى الأسواق العربية."
رؤية متكاملة من الحماية إلى الإنتاج... فالأسواق
استعرض الوزير هاني رؤيته المتكاملة للنهوض بالقطاع الزراعي، مشددًا على أنها تقوم على ثلاث دعائم أساسية:
1. تحسين البنية التحتية الزراعية مياه، طرق، مخازن تبريد.
2. تعزيز قدرات المزارعين ومراكز الإرشاد الزراعي والتقني.
3. ربط الإنتاج بالأسواق التصديرية والمحلية عبر منصات وعقود رقمية.
كما أعلن عن خطوتين محوريتين:
• تثبيت 106 حرّاس أحراج وصيد وسمك، لتعزيز الرقابة وحماية الغابات والتنوع البيولوجي.
• إطلاق المنصة الوطنية لتقديم طلبات زراعة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية، مشيرًا إلى أن مهلة تقديم الطلبات تنتهي في 4 تموز، على أن يُستكمل التعيين النهائي للهيئة الناظمة وفرق العمل في الأسابيع التالية.
الزراعة... مقاومة وانتماء ومستقبل
في ختام جولته، أكد وزير الزراعة أن "الزراعة ليست مجرد مهنة، بل هي مقاومة للانهيار، ومصدر للكرامة، وانتماء للأرض". وأضاف: "إذا أردنا وقف النزوح من الريف، وإذا أردنا اقتصادًا منتجًا وعدالة اجتماعية، فليكن استثمارنا الأول في الزراعة... فهي التي توفّر الأمن الغذائي، وتحمي البيئة، وتضمن بقاء اللبناني في أرضه."
وختم بالقول: "قيمة الإنتاج الزراعي اليوم تفوق 2.2 مليار دولار، وإذا احتسبنا التوزيع والتصنيع الغذائي والنقل، فإن القيمة تتجاوز 4 مليارات. بدعم حقيقي لهذا القطاع، يمكننا تحويله إلى رافعة للاقتصاد وركن للاستقرار الاجتماعي في لبنان."
#الزراعة_نبض_الارض_والحياة
#وزارة_الزراعة
#وزير_الزراعة